هل تعلم أن أكثر من نصف العمالة في الأردن غير رسمية؟

 تبرز قضية العمالة غير الرسمية كواحدة من أبرز العقبات التي تعيق تحقيق التنمية المستدامة. وفقًا لتقرير منتدى الاستراتيجيات الأردني، فإن نسبة العمالة غير الرسمية في الأردن بلغت 53.2% من إجمالي العمالة في عام 2022، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بعام 2017. هذا الوضع يثير العديد من التساؤلات حول أسبابه وتأثيراته، فضلًا عن السبل الممكنة للحد منه.

التحديات المرتبطة بالعمالة غير الرسمية

تُعد العمالة غير الرسمية تحديًا كبيرًا في الأردن، حيث ترتبط بارتفاع معدلات الفقر وغياب الحماية الاجتماعية. فوفقًا لتعريف منظمة العمل الدولية، فإن العمالة غير الرسمية تشمل الوظائف التي تفتقر إلى الضمان الاجتماعي والتشريعات القانونية، ما يجعل العاملين في هذا القطاع عرضة للظروف المعيشية القاسية. في الأردن، يعاني العمال في هذا القطاع من ضعف الإنتاجية وانخفاض الأجور، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني.

إضافة إلى ذلك، أشار منتدى الاستراتيجيات الأردني إلى أن العمالة غير الرسمية تُعد عائقًا أمام تحقيق العمل اللائق. فالعديد من العاملين فيها يفتقرون إلى المهارات اللازمة للتنافس في سوق العمل الرسمي، مما يؤدي إلى تقليل فرصهم في تحسين ظروفهم المعيشية. كما أن غياب التشريعات التي تنظم هذا القطاع يفاقم من المشكلة، حيث تظل العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة خارج الإطار القانوني.

كما أن ارتفاع نسبة العمالة غير الرسمية بين الرجال مقارنة بالنساء يُظهر تفاوتًا كبيرًا. ففي حين انخفضت نسبة العمالة غير الرسمية بين النساء إلى 33.3% في عام 2022، ارتفعت بين الرجال إلى 56.7%. هذا التفاوت يعكس تحديات إضافية تتعلق بالثقافة المجتمعية والتوزيع غير العادل للفرص.

العلاقة بين التعليم والعمالة غير الرسمية

أوضح التقرير أن هناك علاقة وثيقة بين مستوى التعليم ونسبة العمالة غير الرسمية. إذ أن 61.3% من العاملين في القطاع غير الرسمي في الأردن هم من ذوي التعليم دون الثانوي، وهو ما يشير إلى أن التعليم يلعب دورًا حاسمًا في تقليل هذه النسبة. كما أن نسبة النساء العاملات في هذا القطاع من ذوات التعليم المنخفض بلغت 78%، ما يبرز الحاجة إلى تحسين فرص التعليم للنساء.

على الرغم من ذلك، فإن معدل إتمام التعليم الثانوي في الأردن ارتفع إلى 60.1% في عام 2022، وهو أعلى من بعض الدول العربية مثل الجزائر ونيجيريا، ولكنه لا يزال أقل بكثير من الدول المتقدمة. هذا النقص في التعليم العالي يساهم في استمرار ارتفاع نسب العمالة غير الرسمية، ما يتطلب سياسات تعليمية أكثر شمولًا وفعالية.

استراتيجيات الحد من العمالة غير الرسمية

للحد من العمالة غير الرسمية، أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بمجموعة من الإجراءات التي تشمل تحسين جودة التعليم وزيادة معدلات الالتحاق بالتعليم العالي. كما شدد على أهمية الاستثمار في التعليم الفني والمهني، وتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع وحل المشكلات لدى الشباب، بما يتماشى مع متطلبات العصر الرقمي.

كما دعا المنتدى إلى إعادة النظر في السياسات المتعلقة بالنظام الضريبي ومساهمات الضمان الاجتماعي وقوانين العمل. هذه الإجراءات من شأنها تقليل الأعباء التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيعها على الانتقال إلى القطاع الرسمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الشمول المالي وتسهيل إجراءات تسجيل الشركات يمكن أن يسهم في تنظيم سوق العمل.

وأخيرًا، شدد التقرير على ضرورة التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، مثل النساء والشباب، من خلال برامج تدريبية تهدف إلى تحسين مهاراتهم وزيادة فرصهم في سوق العمل الرسمي. هذا النهج الشامل يمكن أن يسهم في تحقيق نمو اقتصادي عادل ومستدام.