"قفزة عملاقة"! مشروع تاريخي يغير خريطة الأردن ويقضي على كابوس النقل العام...تفاصيل

خطوة طال انتظارها اتخذتها الحكومة الأردنية هذا الأسبوع بالموافقة على المرحلة الأولى من مشروع هيكلة شبكة خطوط النقل العام الرابطة بين العاصمة عمان ومحافظات المملكة. يأتي هذا القرار في وقت تعاني فيه منظومة النقل العام من تحديات متعددة أثرت على نوعية الخدمة المقدمة للمواطنين وعلى انتظام الرحلات، مما فتح الباب لتساؤلات حول إمكانية أن يسهم هذا المشروع في حل أزمة النقل المستمرة منذ سنوات.
تتضمن المرحلة الأولى من المشروع، التي وافق عليها مجلس الوزراء برئاسة جعفر حسان، الخطوط الأكثر استقطاباً للركاب، حيث ستشمل أربعة مسارات رئيسية هي: إربد-عمان، الكرك-عمان، جرش-عمان، والسلط-مجمع الشمال في العاصمة. وحسب ما أفادت مصادر حكومية، سيتم تشغيل 121 حافلة على هذه المسارات، ومن المتوقع أن يصل عدد المستفيدين إلى ما يقارب 10 ملايين راكب سنوياً، مما يعكس الحجم الكبير للمستفيدين من الخدمة.
وكشفت الجهات المعنية أن العمل جارٍ حالياً على التجهيزات الفنية والتعاقدية مع المشغلين، ومن المقرر الانتهاء من هذه المرحلة خلال الأشهر المقبلة، على أن يبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع في النصف الثاني من العام الحالي. وتجدر الإشارة إلى أن المشروع سيعتمد تقنيات حديثة في إدارة عمليات النقل، حيث سيتم تزويد الحافلات بأنظمة تتبع إلكترونية ووسائل دفع متطورة، منهياً بذلك عهد "انتظار امتلاء الحافلة" الذي طالما عانى منه المواطنون.
يسعى المشروع، الذي تبلغ كلفته المقدرة 4.5 مليون دينار أردني، إلى إحداث نقلة نوعية في خدمات النقل العام من خلال ضمان انتظام الرحلات وفق جداول زمنية محددة ومعلنة للجمهور، بغض النظر عن اكتمال سعة الحافلة من الركاب. وأوضحت وزارة النقل أن الحكومة ستعوض المشغلين عن الأجرة الفائتة، مما سيشجعهم على تجديد أساطيلهم وتحديثها، وبالتالي تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. كما يهدف المشروع لتنظيم قطاع النقل العام وتطويره وفق معايير تلبي طموحات المواطنين.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في خفض التكاليف التشغيلية للمشغلين على المدى البعيد، فضلاً عن تحسين تجربة التنقل للركاب. ويضاف إلى ذلك التأثير الإيجابي المرتقب على البيئة من خلال تقليل عدد المركبات الخاصة على الطرقات، وافتتاح الباب أمام استخدام حافلات صديقة للبيئة مستقبلاً. هذا وتشير التقديرات إلى أن الحافلات ستنطلق بترددات زمنية تتراوح بين 15-30 دقيقة حسب الخط والوقت من اليوم، مما سيسهم في تخفيف الضغط على الركاب وتقليل وقت الانتظار.
سيتم تنفيذ المشروع بالشراكة بين عدة جهات، أبرزها هيئة تنظيم النقل البري وأمانة عمان الكبرى، مع إشراك القطاع الخاص ممثلاً بمشغلي خطوط النقل. وقد أكدت مصادر مطلعة أن الخطة تتضمن إنشاء شركات للمشغلين تعمل على نظام إدارة الأنشطة، بهدف توحيد المشغلين الأفراد في كيانات منظمة تعمل وفق أسس علمية وإدارية واضحة. هذا النهج التشاركي يضمن استدامة المشروع ويسهل عمليات المتابعة والتطوير المستمر للخدمة.
ومع ذلك، يواجه المشروع عدة تحديات قد تؤثر على سرعة تنفيذه، منها ضرورة تأهيل البنية التحتية في بعض المناطق، وتدريب الكوادر البشرية على استخدام التقنيات الجديدة، فضلاً عن توعية المواطنين بآليات الخدمة المطورة. كما أن نجاح المرحلة الأولى يعتبر مفتاحاً أساسياً للانتقال إلى المراحل اللاحقة التي ستشمل مدناً وخطوطاً إضافية. لكن المسؤولين يبدون تفاؤلاً حذراً، مشيرين إلى أن التجارب السابقة في تطوير النقل العام قد وفرت دروساً مهمة ستسهم في تجاوز هذه العقبات.
ينظر المواطنون والخبراء إلى مشروع هيكلة شبكة خطوط النقل العام بين المحافظات والعاصمة كخطوة مهمة نحو تحديث قطاع النقل العام في الأردن، ويأملون أن يسهم في حل الأزمة المستمرة في هذا القطاع. ومع بدء التنفيذ الفعلي للمشروع في النصف الثاني من العام الحالي، سيكون بإمكان الجميع تلمس أثر هذه التغييرات على أرض الواقع، لتكون مؤشراً على جدية الحكومة في إحداث تغيير إيجابي في حياة المواطنين اليومية وتوفير خدمة نقل عام تنافس في جودتها المعايير العالمية.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط