هل تشملك التغييرات؟ فئات تخرج من مظلة الضمان بموجب القوانين الجديدة

في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها نظام الضمان الاجتماعي الأردني، تبرز أهمية هذه المنظومة الاجتماعية كشبكة أمان حيوية للمواطنين في مختلف مراحل حياتهم، حيث تساعدهم على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية المختلفة. ومع ذلك، تظهر بين الحين والآخر تعديلات قانونية تعيد تشكيل هذه المنظومة، مما يسبب قلقاً متزايداً لدى شرائح واسعة من المجتمع الأردني حول إمكانية خروجهم من مظلة الحماية الاجتماعية التي توفرها هذه المؤسسة الحيوية.
تشير المعلومات الواردة من مصادر مطلعة على التعديلات الجديدة في نظام الضمان الاجتماعي إلى وجود فئات محددة ستبقى خارج مظلة الضمان. فالموظفون الذين يؤدون اشتراكات تقاعدية وفق أحكام قانون التقاعد المدني أو العسكري سيظلون خارج هذه المظلة، وهو أمر ليس بجديد ولكنه يعيد إلى الواجهة النقاش حول ازدواجية أنظمة التقاعد في المملكة. كما تضاف إلى هذه القائمة فئة الأشخاص غير الأردنيين العاملين في البعثات الإقليمية والدولية والسياسية والعسكرية الأجنبية وملحقاتها داخل الأردن.
وتبرز أيضاً ضمن الفئات المستثناة العمال الذين تكون علاقتهم بصاحب العمل غير منتظمة، مثل العاملين باليومية الذين يعملون أقل من 16 يوماً في الشهر الواحد، والعمال بالساعة أو بالقطعة أو بالنقلة الذين لا يستوفون هذا الشرط. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء يمتلك صلاحية توسيع مظلة الضمان لتشمل فئات أخرى مثل خدم المنازل ومن في حكمهم، وذلك بناءً على تنسيب مجلس الضمان الاجتماعي، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية إعادة النظر في بعض هذه الاستثناءات مستقبلاً.
تحمل هذه التعديلات تأثيرات متباينة على مختلف شرائح المجتمع الأردني. فمن جهة، قد يواجه العمال غير المنتظمين، وهي فئة كبيرة في سوق العمل الأردني، تحديات جمة في تأمين مستقبلهم التقاعدي وحمايتهم من المخاطر الصحية والمهنية. ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه معدلات القطاع غير الرسمي والعمل الموسمي والمؤقت، مما يضع أعداداً متزايدة من العاملين خارج مظلة الحماية الاجتماعية.
من ناحية أخرى، تثير هذه الاستثناءات تساؤلات حول مدى عدالة النظام الضماني وقدرته على تحقيق شموليته المفترضة. وتفيد تقديرات خبراء اقتصاديين بأن استمرار هذه الاستثناءات قد يؤدي إلى تعميق التفاوت الاجتماعي، وزيادة الضغط على برامج الحماية الاجتماعية الأخرى التي تقدمها الحكومة، كما قد يدفع بالعديد من العاملين باتجاه القطاع غير المنظم هروباً من تكاليف الاشتراك في الضمان، مما يضعف الإيرادات الضريبية ويؤثر سلباً على الاقتصاد الكلي.
تشير المؤشرات الحالية إلى أن مؤسسة الضمان الاجتماعي قد تتجه نحو إجراء مراجعة شاملة لسياسات الشمول والاستثناء خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من منظمات المجتمع المدني ونقابات العمال للتوسع في المظلة التأمينية. وتلعب التحديات المالية والديموغرافية دوراً محورياً في تشكيل هذه التوجهات، مع ضرورة الموازنة بين الاستدامة المالية للمؤسسة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية المتنامية للمواطنين.
يبقى التحدي الأكبر أمام صناع القرار في الضمان الاجتماعي هو كيفية تحقيق التوازن بين توسيع المظلة التأمينية لتشمل أكبر عدد من العاملين والحفاظ على استدامة المنظومة المالية للمؤسسة على المدى الطويل. ويتطلب ذلك تفكيراً إبداعياً في ابتكار حلول تأمينية مرنة تناسب طبيعة العمل غير النمطي المتزايد في الاقتصاد الحديث، مع ضمان حقوق جميع الأطراف المعنية.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط