كواليس القرار المفاجئ: كيف غيّر فك ارتباط الأردن والضفة مسار القضية الفلسطينية في 1988

قبل 35 عامًا، أعلن العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال في 31 يوليو 1988 قراره التاريخي بفك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية، والذي كان له أثر كبير على المنطقة وساهم في تغيير معادلة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. هذا القرار، الذي أنهى رسميًا ارتباطًا استمر لأربعة عقود بين المنطقتين، لم يكن مجرد خطوة نحو استقلال السياسات الأردنية عن فلسطين وحسب، بل كان تمهيدًا مهمًا لإعلان قيام الدولة الفلسطينية الذي صدر في الجزائر بعد ذلك بأشهر قليلة.
القرار جاء نتيجة لتعقيدات الوضع السياسي في تلك الحقبة، بما في ذلك التوترات الداخلية الأردنية والنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. في كتابه "الحقيقة البيضاء"، يذكر رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري أن زيارة وزير خارجية الجزائر أحمد طالب الإبراهيمي إلى الأردن، وزيادة الضغط العالمي بسبب الانتفاضة الفلسطينية، كانت من العوامل الدافعة لاتخاذ هذا القرار الجريء.
هذا القرار الأردني لم يحدث في فراغ. كانت هناك محاولات تاريخية لتعزيز وحدة الضفتين كما حدث في عام 1950، حيث ضُمت الضفة الغربية رسميًا إلى الأردن، إلا أن هذا الضم لم يكن معترفًا به دوليًا سوى من قبل بريطانيا وباكستان.ليس ذلك فقط، بل استمرت المملكة الأردنية في تقديم الدعم الإداري والشعبي للفلسطينيين حتى بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية في حرب 1967.
كان فك الارتباط بمثابة إعلان للسيادة الفلسطينية، إذ سهّل توفير فُرصة أوسع للفلسطينيين في المجتمع الدولي، حتى وإن كان ذلك قد ترك الضفة الغربية بلا حماية قانونية قوية، الأمر الذي انتقده البعض معتبرين أن القرار عزز السيطرة الإسرائيلية.
ظروف اتخاذ هذا القرار تعكس التوترات الإقليمية التي ما زالت تلقي بظلالها على العلاقات الأردنية-الفلسطينية حتى اليوم. فالتنسيق والوصاية الأردنية ما زالت تلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس، على الرغم من العقبات السياسية والضغوط الإقليمية.
وفي الوقت الذي كانت فيه الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية باريس الاقتصادية، تشكّل تحديًا مستمرًا للتكامل الاقتصادي الأردني-الفلسطيني، فإن فك الارتباط قد ترك البوابة مفتوحة أمام تحقيق شراكات جديدة تقوم على أساس المصالح المتبادلة والتعاون الإقليمي بعيدًا عن تأثير المعاهدات غير المتوازنة.
هذا التاريخ يرسخ أهمية الدور الأردني الحساس والمركزي في المنطقة، ويعيد إلى الأذهان كيفية أن القرارات السياسية يمكن أن تكون لها تأثيرات تتجاوز حدودها الجغرافية والزمنية لتؤثر على مسار النزاعات الطويلة والبحث عن السلام في الشرق الأوسط.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط