48 شهيداً في يوم واحد.. والأمم المتحدة تكشف 11 هجوماً إسرائيلياً متعمداً على منتظري المساعدات


أدت سلسلة من الهجمات الإسرائيلية المتزامنة والمتعمدة على منتظري المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى سقوط 48 شهيداً خلال يوم واحد، فيما كشفت الأمم المتحدة عن تنفيذ 11 هجوماً إسرائيلياً متعمداً استهدف بشكل مباشر الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات الإنسانية.
وثقت مصادر طبية فلسطينية استشهاد 48 فلسطينياً على الأقل خلال آخر 24 ساعة، في حصيلة دموية ترسم صورة مأساوية لليوم الذي شهد تصعيداً غير مسبوق في استهداف المدنيين العزل. سقط من بين هؤلاء الشهداء 12 فلسطينياً كانوا ينتظرون وصول المساعدات الإنسانية في مناطق متفرقة من القطاع المحاصر.
في مخيم البريج وسط قطاع غزة، راح ضحية القصف الإسرائيلي 6 أفراد من عائلة واحدة، من بينهم 4 أطفال، عندما استهدفت طائرات الاحتلال منزلهم فجر السبت. وفي منطقة القرارة شمال خان يونس، استشهد الزوجان يوسف معتصم البطة وسجى غسان النفار عندما قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية خيمتهما التي تؤوي نازحين.
وفي سياق متصل، أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت منذ بداية أغسطس الجاري 11 هجوماً مباشراً ومتعمداً على عناصر تأمين قوافل المساعدات الإنسانية، مما أسفر عن استشهاد 46 فلسطينياً، معظمهم من أفراد الشرطة المدنية المكلفين بحماية الإمدادات الإنسانية، إضافة إلى مدنيين كانوا في انتظار وصول هذه المساعدات.
تشير هذه الهجمات المتكررة إلى نمط ممنهج من الاستهداف المباشر للفلسطينيين الذين يسعون للحصول على الضروريات الأساسية للبقاء. وقد أوضح المكتب الأممي أن هذه الاعتداءات المتواصلة أدت إلى تفاقم حالة الفوضى وتعميق أزمة المجاعة التي يعيشها سكان القطاع المحاصر منذ أشهر طويلة.
وفي محيط منطقة زيكيم غربي بيت لاهيا شمالي القطاع، سقط 6 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال أثناء انتظارهم وصول شاحنات المساعدات الإنسانية، فيما استشهد فلسطينيان آخران شمال غربي رفح في ظروف مماثلة. كما أسفر استهداف تجمعات المدنيين في أحياء مختلفة من مدينة غزة عن سقوط 7 شهداء في مدرسة "موسى بن نصير" و3 آخرين في حي الزيتون.
صلاة الجنازة وتشييع سفيان حمدان أحد أفراد الدفاع المدني الذي استشهد متأثرا بإصابته أثناء عمله جنوبي قطاع غزة pic.twitter.com/9U6LNjPh5B
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 16, 2025
أعرب ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلق بالغ إزاء الأنباء الواردة حول استشهاد وإصابة فلسطينيين أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية. وأشار دوجاريك إلى أن المدنيين باتوا مضطرين للمخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على الغذاء الأساسي، خاصة بعد انقطاع الغاز المنزلي منذ خمسة أشهر وتزايد أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يُنقلون يومياً إلى المستشفيات.
وفقاً للبيانات الأممية الموثقة، فإن استهداف الاحتلال لمواقع توزيع المساعدات ومساراتها بين 27 مايو و13 أغسطس الجاري أسفر عن استشهاد 1760 فلسطينياً، بينهم 994 شهيداً قرب نقاط مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، و766 آخرين على طول طرق شاحنات الإمداد. وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن إجمالي حصيلة الشهداء من منتظري المساعدات ارتفعت إلى 1898 شهيداً وأكثر من 14 ألف مصاب خلال الفترة ذاتها.
تؤكد هذه الأرقام المرعبة أن أفراد الشرطة المدنية المكلفين بحماية المساعدات يتمتعون بحماية كاملة بموجب القانون الدولي، وأن استهدافهم يندرج ضمن نمط متعمد من الاعتداءات التي تهدد وصول الضروريات الحياتية للسكان المدنيين. هذا التوثيق الأممي يكشف عن استراتيجية ممنهجة تهدف إلى منع وصول المساعدات الإنسانية والتضييق على المدنيين بطرق تنتهك القوانين الدولية.
شهدت مناطق أخرى في القطاع مجازر مماثلة، حيث استُشهد 7 فلسطينيين مساء الجمعة جراء قصف استهدف خيمة داخل مدرسة "ماجدة وسيلة" وسط مدينة غزة، فيما أدى قصف آخر قرب مفترق الاتصالات بحي الرمال غربي المدينة إلى استشهاد 3 أشخاص وإصابة 13 آخرين. كما استهدفت طائرات الاحتلال مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح للمرة الثالثة عشرة منذ بدء الحرب.
في البحر، استشهد صياد فلسطيني وأصيب آخر برصاص الزوارق الحربية الإسرائيلية أثناء عملهما في بحر قطاع غزة، مما يؤكد امتداد الاستهداف ليشمل جميع أشكال النشاط المدني حتى في أعالي البحار. هذا التوسع في دائرة الاستهداف يشير إلى سياسة شاملة تهدف إلى تجويع السكان ومنعهم من ممارسة أبسط أشكال الحياة الطبيعية.
حمّل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الإدارة الأمريكية والدول المتواطئة، المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين. وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والحقوقية بالتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم المستمرة.
جدد دوجاريك رفض الأمم المتحدة قرار إسرائيل توسيع الاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين، محذراً من أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة قد تشهد مزيداً من التفاقم إذا لم يتم ضمان تدفق سريع وآمن ودون قيود للمساعدات الإنسانية إلى القطاع. هذا التحذير الأممي يأتي في ظل تصاعد المخاوف من تحول غزة إلى منطقة منكوبة تماماً بسبب الحصار والاستهداف المتواصل.
ترتفع الحصيلة الإجمالية لحرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 61 ألفاً و827 شهيداً و155 ألفاً و275 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح 240 شخصاً بينهم 107 أطفال.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط