قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

400 ألف جريمة يومياً عالمياً.. هل تكشف الأرقام سر فشل الأنظمة الغربية أمام الحلول الشرعية؟

400 ألف جريمة يومياً عالمياً.. هل تكشف الأرقام سر فشل الأنظمة الغربية أمام الحلول الشرعية؟
نشر: verified icon

سياق سعودي

26 أغسطس 2025 الساعة 05:20 مساءاً

تشهد أروقة العدالة الدولية صدمة حقيقية أمام إحصائية مرعبة تكشف ارتكاب 400 ألف جريمة يومياً على مستوى العالم، مما يثير تساؤلاً جوهرياً حول مدى فعالية الأنظمة القانونية الغربية في مواجهة هذا الطوفان الإجرامي مقارنة بالحلول التي تقدمها الشريعة الإسلامية.

تكشف البيانات الرسمية الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين أرقاماً صاعقة تدق ناقوس الخطر في قلب المجتمعات الغربية. فبحسب تصريحات الجنرال أناتولي كوليكوف، رئيس الندوة الدولية لمكافحة الجريمة والإرهاب، فإن هذا الرقم المهول يعكس فشلاً ذريعاً للسياسات العقابية التقليدية.

وتأخذ هذه الأرقام بُعداً أكثر إثارة للقلق عندما نتعمق في التفاصيل الإحصائية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث نمت الجريمة بمعدل مضاعف ثماني مرات خلال الثلاثين عاماً الأخيرة. وفي بريطانيا والسويد، سجلت معدلات الجريمة ارتفاعاً بسبعة أضعاف، بينما تضاعفت مرتين في اليابان المعروفة بانضباطها الاجتماعي.

تتجلى خطورة هذا الوضع في النظرة التفصيلية لواقع الجريمة الأمريكية، حيث تحدث جريمة سرقة عادية كل ثلاث ثوان، وجريمة سطو كل أربع عشرة ثانية، وسرقة سيارة كل خمس وعشرين ثانية. أما الجرائم الأكثر خطورة فتشمل جريمة سرقة مقترنة بالعنف كل ستين ثانية، وجريمة اغتصاب كل ست ثوان، وجريمة قتل كل إحدى وثلاثين ثانية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تتحمل الولايات المتحدة عبئاً مالياً هائلاً نتيجة هذا الوضع الأمني المتدهور. فالكلفة الإجمالية للجريمة تصل إلى أرقام فلكية تشمل 105 بلايين دولار لعلاج الضحايا، و350 بليون دولار للتعويضات والتأمين، و120 مليون دولار على الشرطة، و35 بليون دولار على السجون. هذا فضلاً عن وجود 14 مليون متعاطٍ للمخدرات.

في المقابل، يقدم التاريخ الإسلامي نموذجاً مختلفاً تماماً عند النظر في فترات تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي. فالناظر في هذا التاريخ يفاجأ بقلة الحدود التي أُوقعت على الجناة، بحيث لم يتجاوز عددها أصابع اليدين، وذلك لأن النظام العقابي في الإسلام كان فعالاً في لجم ذوي النزوع الإجرامية عن إيذاء الناس.

تعتمد فلسفة العقوبة في الشريعة الإسلامية على مبدأ الزجر المزدوج: الزجر العام الذي يردع من تسول لهم أنفسهم الجريمة عن مجرد التفكير في العدوان، والزجر الخاص الذي يجعل المعتدي نفسه يكف عن معاودة التفكير في الإقدام على الجريمة. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ بقوله: "حدٌّ يقام في الأرض خير لهم من أن يمطروا أربعين صباحاً".

ويبرز التباين الصارخ بين النظامين عند تحليل آليات الردع المختلفة. ففي الشريعة الإسلامية، تُقام العقوبات علناً لتحقيق أقصى درجات الردع، كما في قوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". هذا التوجيه الإلهي يؤكد أهمية الطابع العلني للعقوبة في تحقيق الردع الاجتماعي.

وفي جريمة السرقة، يحقق قطع اليد نوعاً فريداً من الردع طويل المدى، حيث يصبح الجاني معلوماً للمجتمع طوال حياته، مما يمنع تكرار الجريمة ويحمي أموال الناس وأرواحهم. وفي القصاص، يتحقق مبدأ "القتل أنفى للقتل" الذي يضمن حفظ الدماء من خلال الردع الفعال.

وتثبت الأدلة التاريخية والمعاصرة أن العقوبات الشرعية تحقق هدفين أساسيين في آن واحد: حماية المجتمع من المجرمين، وإصلاح المجرم نفسه من خلال الردع الحقيقي. فبينما تستمر معدلات الجريمة في الارتفاع في المجتمعات التي تعتمد على الأنظمة العقابية الغربية، كانت المجتمعات الإسلامية التي طبقت الشريعة تشهد انخفاضاً ملحوظاً في معدلات الجريمة.

يؤكد الإمام الماوردي هذا المفهوم بقوله: "جعل الله من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذراً من ألم العقوبة، وخيفةً من نكال الفضيحة؛ ليكون ما حظر من محارمه ممنوعاً، وما أمر به من فروضه متبوعاً، فتكون المصلحة أعم والتكليف أتم". هذا التوضيح يكشف عن الحكمة العميقة وراء التشريع الإسلامي في مجال العقوبات.

وبالنظر إلى الواقع المعاصر، تبرز المفارقة الصارخة بين استمرار ارتفاع معدلات الجريمة في الدول الغربية رغم الإنفاق الضخم على أجهزة الأمن والعدالة، وبين النتائج الإيجابية التي حققتها الأنظمة التي طبقت الشريعة الإسلامية في فترات مختلفة من التاريخ. هذه المقارنة تطرح تساؤلات جدية حول جدوى الاستمرار في الأنظمة العقابية التقليدية التي أثبتت فشلها في مواجهة الظاهرة الإجرامية.

إن الأرقام المذهلة للجرائم اليومية على مستوى العالم تستدعي إعادة نظر جذرية في فلسفة العقاب والردع، وتفتح المجال أمام دراسة معمقة للبدائل الشرعية التي أثبتت فعاليتها عبر التاريخ في حماية المجتمعات وضمان الأمن والاستقرار.

قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

المزيــــــد