(تحليل).. هل ينجح النظام المزدوج للتوجيهي في الأردن؟

يشهد قطاع التعليم في الأردن تحولًا جذريًا مع تطبيق نظام مزدوج لامتحان الثانوية العامة (التوجيهي) هذا العام، حيث سيتقدم جيلان من الطلبة - مواليد 2007 و2008 - وفق نظامين مختلفين للامتحان. يهدف النظام الجديد بشكل أساسي إلى تخفيف العبء الأكاديمي على الطلبة من خلال توزيع المواد الدراسية على مرحلتين، مما يثير تساؤلات حول قدرة هذا النظام المزدوج على تحقيق أهدافه التعليمية في ظل التحديات اللوجستية والتنظيمية المترتبة على تطبيقه.
يكمن الاختلاف الرئيسي بين النظامين في آلية توزيع المواد الدراسية وطريقة الامتحان. فبحسب ما أوضح الدكتور محمد شحادة، مدير إدارة الامتحانات في وزارة التربية والتعليم، سيتقدم طلبة مواليد 2007 للامتحانات وفق النظام القديم الذي يتطلب أداء جميع المباحث في عام دراسي واحد. في المقابل، سيخضع طلبة مواليد 2008 للنظام الجديد القائم على سنتين دراسيتين، حيث تُخصص السنة الأولى لامتحانات الثقافة العامة المشتركة، بينما تُكرس السنة الثانية لامتحانات مواد التخصص.
كما يتضمن النظام الجديد تغييرًا جوهريًا في توزيع العلامات، حيث يتم احتساب 30% من المعدل العام من مواد الثقافة العامة التي تشمل التربية الإسلامية (6%)، وتاريخ الأردن (4%)، واللغة العربية (10%)، واللغة الإنجليزية (10%). أما النسبة المتبقية (70%) فتُحتسب من مباحث التخصص الأربعة بواقع 17.5% لكل مبحث، ليصبح المجموع الكلي 1000 علامة. وبينت وزارة التربية أن أسئلة بعض المباحث ستكون اختيارًا من متعدد بالكامل، بينما ستتضمن أخرى أسئلة كتابية بنسبة 30%.
على الرغم من الأهداف الطموحة للنظام الجديد، إلا أنه يواجه عدة تحديات لوجستية وتنظيمية. فقد أشار الدكتور شحادة إلى أن تطبيق النظامين معًا في العام الدراسي الحالي يشكل تحديًا كبيرًا نظرًا للعدد الهائل من الطلبة المتقدمين للامتحان والذي يقترب من 350 ألف طالب وطالبة، موزعين على الصفين الحادي عشر والثاني عشر بالإضافة إلى طلبة الدراسة الخاصة. هذا الوضع الاستثنائي دفع الوزارة إلى تجنب التزامن بين امتحانات الجيلين، حيث ستبدأ امتحانات طلبة النظام الجديد في 31 تموز وتستمر حتى الأسبوع الأول من آب.
تحدٍ آخر يواجه النظام الجديد يتمثل في تأجيل أتمتة امتحانات الثانوية العامة. فعلى الرغم من جهود الوزارة في تجهيز أكثر من ألف مختبر حاسوب وإعداد بنوك الأسئلة، إلا أن توقف التمويل الأمريكي أدى إلى تأخير غير متوقع حال دون تنفيذ تدريب الطلبة على النظام الإلكتروني. ونتيجة لذلك، قررت الوزارة إجراء امتحانات طلبة الصف الحادي عشر ورقيًا هذا العام، مما قد يؤثر على تحقيق الأهداف المرجوة من تطوير نظام الامتحانات.
يبدو أن وزارة التربية والتعليم تدرك الحاجة إلى المرونة في تطبيق النظام الجديد، حيث أكد الدكتور شحادة أن هذا النظام قابل للتحسين والتطوير استنادًا إلى التغذية الراجعة من الميدان التربوي. ومن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لتسهيل الانتقال إلى النظام الجديد، إتاحة دورة تكميلية خلال عطلة الشتاء في نهاية كانون الأول وبداية كانون الثاني، تمكن الطلبة من تحسين معدلاتهم أو إعادة المواد التي لم يجتازوها. كما أن النظام يسمح لطلبة السنة الأولى بإعادة أي مادة خلال شتاء السنة الثانية، ولطلبة السنة الثانية بالتقدم للدورة التكميلية التالية لتحسين معدلاتهم، مما يوفر فرصًا إضافية للنجاح.
يبقى نجاح النظام المزدوج للتوجيهي في الأردن مرهونًا بقدرة وزارة التربية والتعليم على تذليل التحديات اللوجستية والتنظيمية التي تواجهه، والاستفادة من التجربة العملية لتطويره. إن فكرة توزيع عبء الامتحانات على مرحلتين تبدو واعدة من الناحية النظرية، لكن التطبيق العملي سيكشف مدى قدرة هذا النظام على تحقيق أهدافه المتمثلة في تخفيف الضغط على الطلبة وتحسين مخرجات التعليم. وبينما ننتظر نتائج هذه التجربة، يظل الاستماع إلى آراء المعلمين والطلبة وأولياء الأمور وتقييم نتائج النظامين أمرًا ضروريًا لضمان تطوير منظومة تعليمية تتناسب مع احتياجات الطلبة وتطلعات المجتمع.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط