كادت أن تختفي... كيف عادت المها العربي لتُنعش صحراء الأردن؟

بعد عقود من الغياب والانقراض المحلي، شهدت الأردن تحولًا إيجابيًا في الحفاظ على المها العربي من خلال جهود مكثفة لإعادة توطينه في محمية الشومري للأحياء البرية. كانت هذه الحيوانات قد انقرضت تمامًا في الأردن مع تسجيل آخر تواجد لها في عام 1965، قبل أن تبدأ جهود حثيثة لإعادتها إلى موطنها الأصلي.
كان الأردن، مثل العديد من دول شبه الجزيرة العربية، قد فقد تمامًا حيوانات المها العربي بسبب الصيد الجائر واختفاء المواطن الطبيعية، مما جعله منظرا صعبًا ويمحو ملامح الطبيعة البرية التي كانت تتميز بها المنطقة. وكانت المها العربي تتجولُ بحرية في المناطق الصحراوية، ولكن تدهور الأوضاع الطبيعية والممارسات البشرية السلبية أدى إلى تلاشيها تمامًا من البرية.
برزت محمية الشومري كملاذٍ جديد لإحياء المها العربي في الأردن، حيث تأسست خصيصًا لهذا الغرض. وفقًا لمشرف العمليات في المحمية عبيدة الخريشا، فقد أصبح هناك ما يقرب من 120 رأسًا من المها بفضل الجهود التي بذلت لوقف عملية الانقراض. ويُعتبر التنوع الوراثي عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على قطيع مستدام وحيوي، حيث يجري جلب أفراد من دول مختلفة لتبادل الدماء وتحسين البنية الوراثية.
تعزز هذه الجهود من خلال التعاون الدولي وتحسين ظروف المحمية لضمان نجاح واستمرارية المها في البرية. على الرغم من التحديات، تمكنت المحمية من تجاوز صعوبات سابقة مثل نفوق المواليد نتيجة التزاوج بين حيوانات ذات صلة قرابة قوية، إذ أظهرت الفحوصات المخبرية أهمية تجنب هذا النوع من التزاوج لضمان حياة صحية للحيوانات.
رغم كونها محمية بيئية، أصبحت الشومري وجهة جذب سياحي مميزة في الأردن، حيث تأخذ جولات السفاري زوارها في تجربة رائعة لمشاهدة المها العربي وهي تجول بحرية. تروى المهندسة المعمارية، رحمه الحياري، كيف أبهرتها الحديقة بجمالها البيئي وسحر الحياة البرية المحمية فيها، وشهدت عن قرب التوازن بين الحفظ والتنمية السياحية في قلب الصحراء. تُعَدّ تجربة السفاري شهادة حية على نجاح الأردن في إحياء الحياة الطبيعية، وفي ذات الوقت تعزيز السياحة البيئية.
يبين هذا النهج الذي اتخذته الأردن أهمية الجهود المستمرة في الحفاظ على الأنواع المهددة وتقديم مثال إيجابي على كيفية الموازنة بين الحماية البيئية والتنمية السياحية، مما يعكس الدور الفاعل الذي يمكن أن تلعبه المحميات الطبيعية في تعزيز الفهم العالمي لمفهوم التنمية المستدامة وضرورة صون إرثنا الطبيعي للأجيال القادمة.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط