مذكرة نيابية تثير زوبعة في هيئة الكهرباء.. ماذا تتضمن؟

شهدت أروقة مجلس النواب الأردني اليوم الاثنين حراكاً لافتاً مع تقديم مذكرة نيابية إلى رئيس المجلس أحمد الصفدي، تستهدف إحداث تغيير في آلية استيفاء رسوم إعادة التيار الكهربائي. تأتي هذه المذكرة في وقت يشهد فيه قطاع توزيع الكهرباء تحولاً تكنولوجياً ملموساً نحو الرقمنة، ما أثار تساؤلات حول مدى منطقية استمرار فرض هذه الرسوم في ظل التطورات التقنية الجديدة، خاصة مع انتشار العدادات الذكية التي غيرت من طبيعة الخدمة المقدمة للمواطنين.
تستند المذكرة النيابية إلى مبررات موضوعية تتعلق بالتغيرات التكنولوجية التي طرأت على قطاع توزيع الكهرباء في المملكة. فقد أوضحت المذكرة أن شركات توزيع الكهرباء تواصل استيفاء رسوم إعادة التيار الكهربائي من المواطنين رغم تغير الظروف التقنية التي كانت تبرر فرض هذه الرسوم سابقاً. وكما تشير المعلومات الواردة في المذكرة، فإن المبرر التقليدي الذي كان يُستند إليه يتمثل في الحاجة إلى إرسال فرق فنية ميدانية لإعادة توصيل التيار بعد فصله، وهو أمر كان يتطلب تكاليف تشغيلية وجهداً بشرياً مباشراً.
وتذهب المذكرة إلى أبعد من ذلك، حيث تُظهر أن استمرار فرض هذه الرسوم في الوقت الراهن يمثل عبئاً إضافياً على المواطنين دون مبرر حقيقي. وبحسب ما ورد في المذكرة، فإن النواب الموقعين عليها يرون أن هذا الإجراء يأتي في سياق تخفيف الأعباء المالية عن كاهل المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وقد أكدت المذكرة ضرورة مراجعة السياسات المالية المتبعة من قبل شركات توزيع الكهرباء بما يتماشى مع المتغيرات التقنية الحديثة.
تشكل العدادات الذكية "Smart Meters" محور التحول التكنولوجي الذي استندت إليه المذكرة النيابية في مطالبتها بإلغاء رسوم إعادة التيار الكهربائي. فوفقاً للمذكرة، أصبحت هذه العدادات الرقمية تتيح لشركات توزيع الكهرباء إمكانية فصل التيار وإعادته عن بُعد دون الحاجة إلى إرسال طواقم فنية إلى مواقع المستهلكين. هذا التطور التقني الهام غيَّر بشكل جذري من طبيعة العملية التشغيلية المتعلقة بفصل وإعادة التيار الكهربائي، حيث أصبحت تتم من خلال أنظمة تحكم مركزية ودون تدخل بشري مباشر، مما أدى إلى تقليص التكاليف التشغيلية التي كانت تتحملها شركات التوزيع في السابق. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العدادات الذكية توفر أيضاً العديد من المزايا الأخرى، مثل القراءة عن بُعد ومراقبة استهلاك الطاقة بشكل لحظي، مما يعزز من كفاءة الشبكة الكهربائية ويحسن مستوى الخدمة المقدمة للمستهلكين. ونتيجة لهذه التطورات، يرى النواب الموقعون على المذكرة أن استمرار فرض رسوم إعادة التيار الكهربائي أصبح يفتقر إلى الأساس المنطقي والقانوني، وبالتالي ينبغي إعادة النظر فيه بما يتماشى مع الواقع التقني الجديد.
تضمنت المذكرة النيابية التي وُجهت إلى رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي مطالبة واضحة للحكومة باتخاذ إجراءات فورية لإيقاف استيفاء رسوم إعادة التيار الكهربائي عن المواطنين. وأكد النواب في مذكرتهم على ضرورة التحرك السريع من قبل الجهات المعنية لتصحيح هذا الوضع، معتبرين أن انتفاء المبرر التقني يستوجب انتفاء الرسوم المفروضة. ويعكس توقيت تقديم هذه المذكرة اهتماماً متزايداً من قبل أعضاء مجلس النواب بالقضايا التي تمس حياة المواطنين اليومية، خاصة ما يتعلق منها بالخدمات الأساسية كالكهرباء. ويُتوقع أن تثير هذه المذكرة نقاشاً موسعاً داخل أروقة البرلمان وفي الأوساط المعنية بقطاع الطاقة حول مدى ملاءمة السياسات المالية المتبعة من قبل شركات توزيع الكهرباء للتطورات التكنولوجية المتسارعة في هذا القطاع الحيوي.
تعكس هذه المذكرة النيابية توجهاً نحو مواكبة التطورات التكنولوجية في السياسات التنظيمية لقطاع الكهرباء، حيث أصبحت العدادات الذكية واقعاً ملموساً يستدعي إعادة النظر في الرسوم المفروضة على المواطنين. وبينما تنتظر هذه المذكرة استجابة من الجهات المعنية، يبقى التساؤل قائماً حول مدى استعداد شركات توزيع الكهرباء للتكيف مع هذه المتطلبات الجديدة، وكيفية موازنة مصالح المستهلكين مع متطلبات استدامة الخدمات في هذا القطاع الحيوي الذي يمس حياة جميع المواطنين.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط