السعودية تحقق 55% اكتفاء ذاتي من الأسماك بـ300 مشروع.. ومليار ريال صادرات تكشف نجاح التحول من المستورد إلى المصدر

حققت المملكة العربية السعودية نقلة نوعية في قطاع الاستزراع السمكي، حيث وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك إلى 55% من خلال تشغيل أكثر من 300 مشروع استزراع سمكي منتشر في مختلف أنحاء البلاد. هذا الإنجاز يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة الغذائية للمملكة التي كانت تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من المنتجات البحرية.
أعلن المهندس رياض بن حسين الفقيه، مدير عام المركز الوطني للثروة السمكية، أن قطاع الاستزراع السمكي يشهد نمواً متسارعاً، مؤكداً أن الطاقة الإنتاجية السنوية الحالية تتجاوز 140 ألف طن. وأشار الفقيه خلال لقاء استثماري نظمته هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في جدة إلى أن هذا التطور يأتي ضمن جهود المملكة لتحقيق الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل.
تنوعت المشاريع السمكية في المملكة لتشمل إنتاج أكثر من 4 إلى 5 أنواع من الأسماك، بما في ذلك السالمون والسالمون المرقط الذي يتم إنتاجه في وحدة متطورة بمنطقة حائل. هذا التنوع الإنتاجي يعكس نجاح استراتيجية التكيف مع البيئة المحلية وتطوير تقنيات الاستزراع المناسبة للظروف الجغرافية والمناخية للمملكة.
يبرز مشروع الشركة الوطنية للاستزراع المائي في محافظة الليث كأحد أكبر المشاريع عالمياً في هذا القطاع، حيث بلغت تكلفته الإجمالية نحو 2.4 مليار ريال. يمثل هذا المشروع تحالفاً استراتيجياً بين عدة شركات، ويعد نموذجاً للاستثمار الضخم الذي يهدف إلى تعزيز مكانة المملكة في الأسواق العالمية للمنتجات البحرية.
نجحت المملكة في تحقيق إنجاز اقتصادي مهم من خلال تصدير منتجات الاستزراع السمكي بقيمة تتجاوز مليار ريال سنوياً. تشمل هذه الصادرات أسواقاً متطلبة مثل دول الاتحاد الأوروبي التي تفرض معايير صارمة على المنتجات المستوردة، مما يؤكد جودة الإنتاج السعودي وقدرته على المنافسة عالمياً.
تعمل وزارة البيئة والمياه والزراعة على تسهيل إجراءات إصدار التراخيص للمستثمرين في قطاع الاستزراع السمكي، حيث ساهمت سرعة الحصول على التراخيص في تمكين العديد من رواد الأعمال من وضع خططهم الاستثمارية والانطلاق في هذا المجال الواعد. كما تشهد المشاريع مشاركة فاعلة من رائدات الأعمال اللواتي يديرن مشاريع بطاقات إنتاجية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية.
يركز المركز الوطني للثروة السمكية على تنفيذ برامج بحثية شاملة تستهدف جميع الأنواع الملائمة للاستزراع من الأسماك البحرية والروبيان، إلى جانب توطين صناعات الاستزراع السمكي وتدريب الكوادر الوطنية. هذه الجهود تهدف إلى بناء قاعدة معرفية متينة تدعم النمو المستدام للقطاع.
أكد الفقيه أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تلعب دوراً محورياً في التحول الوطني، مشيراً إلى أن الجمع بين مبادرات التمويل الحكومي والاستثمار الخاص ورفع الوعي الفني لمشاريع الاستزراع المائي قادر على خلق بيئة أعمال أكثر كفاءة واستدامة. هذا التكامل يدفع بعجلة الاقتصاد الوطني نحو التنويع ويساهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتوفير فرص العمل وتحفيز الاستثمار في القطاع.
يستفيد المستثمرون في قطاع الاستزراع السمكي من برامج الدعم المتنوعة التي تقدمها الجهات الحكومية، بما في ذلك الدعم المالي والمساعدات الفنية. كما يساهم صندوق التنمية الزراعية في تمويل مشاريع الاستزراع السمكي، مما يعزز من قدرة رواد الأعمال على تطوير مشاريعهم وتوسيع نطاق أعمالهم.
تمثل هذه الإنجازات في قطاع الاستزراع السمكي نموذجاً ناجحاً للتحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة، حيث تمكنت من الانتقال من الاعتماد على الاستيراد إلى تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتي، بل والتطلع إلى أن تصبح مصدراً إقليمياً وعالمياً للمنتجات السمكية عالية الجودة.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط