71% من أطفال المدارس السعودية لا يحصلون على نوم كافٍ.. كيف يواجه 6 ملايين طالب تحدي العودة لنظام الفصلين؟

تواجه 6 ملايين طالب وطالبة في السعودية تحدياً حقيقياً مع انطلاق العام الدراسي الجديد 1447هـ، حيث كشفت دراسة حديثة أن 71% من أطفال المدارس السعودية لا يحصلون على قدر كافٍ من النوم، في وقت تعود فيه المملكة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد تجربة الثلاثة فصول.
الدكتور أحمد باهمام، المتخصص في طب النوم، يؤكد أن النتائج البحثية تكشف عن وضع مقلق، حيث أن أكثر من 71% من أطفال المدارس السعودية لم يحصلوا على القسط المطلوب من النوم ليلاً والمقدر بسبع ساعات. ويضيف أن دراسة أخرى رصدت أن أكثر من 1200 شاب لا ينالون كفايتهم من النوم، مما يؤثر سلباً على قدراتهم التعليمية والذهنية.
تشير الإحصائيات إلى أن 46% من السعوديين يعانون من الحرمان من النوم خلال أيام الأسبوع، بينما تنخفض النسبة إلى 33% خلال عطلات نهاية الأسبوع. وقد أفاد ثلاثة أرباع المراهقين بشعورهم بالنعاس عند الاستيقاظ، مما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الأسر السعودية مع بداية العام الدراسي.
التحول إلى نظام الفصلين الدراسيين، بعد اعتماد وزارة التعليم التقويم الدراسي الجديد للأعوام 1447-1450هـ، يأتي استجابة لمطالب المجتمع التعليمي وأولياء الأمور. هذا القرار يهدف إلى منح الطلاب وقتاً أطول لاستيعاب المناهج وتقليل كثافة الاختبارات المتكررة.
سعود المصيبيح، المستشار التربوي والأسري، يرى أن توجه وزارة التعليم السابق لاعتماد نظام الفصول الثلاثة لم يكن موفقاً، حيث تسبب في تذمر واسع بين أولياء الأمور والطلاب وخلق حالة من الانزعاج العام. ويوضح أن ذلك أثر سلباً على طبيعة اليوم الدراسي وأسهم في ضعف التفاعل بين الأسرة والمدرسة.
تحدي النوم يتفاقم مع التغيير في النظام التعليمي، حيث يحتاج الأطفال في سن المدارس إلى ما بين 9 و11 ساعة نوماً يومياً، بينما يحتاج المراهقون إلى 8 ساعات في الأقل. هذا المعدل لا يتحقق غالباً مع انشغال الطلاب بالألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية، خاصة بعد فترة العطلة الصيفية التي غيرت مواعيد النوم والاستيقاظ.
دراسة نُشرت في مجلة "نيتشر ريفيوز لعلوم الأعصاب" عام 2022 تؤكد الدور المحوري للنوم في تثبيت المعلومات داخل الدماغ بعد عملية التعلم، مما يجعله عاملاً أساسياً لنجاح الطلاب في استيعاب المناهج وترسيخها على المدى الطويل. هذا ما يجعل تحدي النوم أكثر إلحاحاً مع العودة لنظام أطول وأكثر كثافة.
البيت يلعب دوراً محورياً في مواجهة هذا التحدي، حيث يُعتبر المؤسسة الأولى للانضباط. إذا افتقد الطالب النظام في منزله، فسيصعب على المدرسة وحدها أن تعالج الفوضى. الانضباط المنزلي يبدأ من مواعيد النوم والاستيقاظ، مروراً بمتابعة الواجبات، وصولاً إلى توفير بيئة هادئة تشجع الأبناء على الدراسة.
هدى، أم لثلاثة أطفال في الرياض، تعبر عن تجربة الأسر مع هذا التحدي قائلة: "على رغم التعب من التحضيرات المبكرة، فإن لحظة ذهابهم إلى المدرسة تمنحني شعوراً بالفخر والأمل في مستقبلهم". لكن الفرحة لا تنفصل عن القلق، إذ تتوزع مخاوف الأهل بين ضغط المناهج وتأثير التكنولوجيا وضرورة تعديل عادات النوم.
يرتبط نجاح الطلاب في التكيف مع نظام الفصلين بقدرة الأسر على إعادة تنظيم الحياة اليومية. فالعطلة الصيفية الطويلة قد غيرت أنماط النوم لدى كثير من الطلاب، مما يتطلب جهداً إضافياً من الوالدين لإعادة ضبط الساعة البيولوجية لأطفالهم قبل بداية العام الدراسي.
تعمل مبادرات حكومية مثل منصة "مدرستي" وبرامج التواصل الأسري على تعزيز دور الأسرة كشريك في العملية التعليمية، بما يرفع من جودة التعليم ويحد من ظواهر الغياب أو التسرب. هذا التعاون بين البيت والمدرسة يصبح أكثر أهمية مع التحديات الجديدة التي يفرضها نظام الفصلين وضرورة تحقيق استقرار أكبر في عادات النوم والدراسة للطلاب السعوديين.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط