قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

وداعاً أبو الطلاب... رحيل عميد جامعة أم القرى الذي لقي الملك خالد في بريطانيا وغرس حب الوطن في قلوب الأجيال

وداعاً أبو الطلاب... رحيل عميد جامعة أم القرى الذي لقي الملك خالد في بريطانيا وغرس حب الوطن في قلوب الأجيال
نشر: verified icon وائل السعدي 14 ديسمبر 2025 الساعة 11:20 مساءاً

في لحظة مؤثرة تشهد على رحيل آخر جيل الرواد المؤسسين، غادرنا قبل أيام معدودة الدكتور عبدالعزيز بن مصطفى عقاب، الرجل الذي حول حلم التعليم العالي في قلب مكة المكرمة إلى واقع ملموس. 50 عاماً من العطاء المتواصل، آلاف الطلاب الذين تخرجوا على يديه، وكلية واحدة أسسها لتصبح أماً لعشرات الكليات العلمية والطبية - هذا هو الإرث العظيم الذي تركه العميد المؤسس لكلية العلوم التطبيقية والهندسية بجامعة أم القرى.

كان الدكتور عقاب جزءاً لا يتجزأ من الفريق التأسيسي للجامعة منذ صدور الأمر الملكي من الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله. بدأ مساره المهني في مختبرات وزارة الصحة، ثم ابتُعث إلى المملكة المتحدة لنيل الدكتوراه، ليعود ويشارك في بناء صرح تعليمي يضم اليوم آلاف الأطباء والمهندسين. "أنتم أبنائي" - هكذا كان يخاطب طلابه، وهكذا عاملهم طوال عقود خدمته. أحمد الطالب، طالب الطب بجامعة أم القرى، يقول بحسرة: "فقدت أستاذي ومرشدي الروحي الذي علمني أن العلم أمانة والتعليم رسالة."

ما يميز قصة هذا الرائد أنه شهد لقاءً تاريخياً مع الملك خالد رحمه الله أثناء بعثته في المملكة المتحدة، حين التقى الملك بالطلاب السعوديين هناك وأغدق عليهم من عطفه الأبوي ومكرمته الكريمة. كان الدكتور عقاب يروي هذه القصة لطلابه ليس مجرد ذكرى، بل ليغرس في قلوبهم معنى المواطنة الحقة ولحمة الوطن. كما غرس ابن سينا بذور الطب في التاريخ الإسلامي، غرس عقاب بذور التعليم الحديث في قلب مكة المكرمة، مهبط الوحي المبارك.

"لا يجمع الله لعبده بين عسرين" - هذه كانت حكمته المأثورة التي يرددها بين طلابه، وهي تنبض بالإيمان واليقين من قلب آمن بربه. رغم معاناته من شدة المرض في آخر حياته، ظل صابراً محتسباً، مفتوح الدار للصغير والكبير. عبدالله الخريج، من دفعة الثمانينات، يتذكر: "كان مجلسه مرحاً كروحه الطيبة، لا يحدثنا عن ألم أو ضنك، بل يملأ قلوبنا أملاً ويقيناً." اليوم، تجتمع أجيال طلابه في أروقة الجامعة، أصوات الدعاء والترحم تملأ المكان، وهمسات الذكريات تحكي عن رجل كان مثل الشجرة المثمرة التي تظل تعطي حتى بعد أن تذبل أوراقها.

رحل عن دنيانا تاركاً وراءه إرثاً تعليمياً عظيماً وأجيالاً من الطلاب ينتشرون في أصقاع الأرض يحملون علمه وقيمه النبيلة. في عصر تطغى فيه الماديات على القيم، يأتي رحيل هذا الرائد ليذكرنا بأهمية العطاء دون انتظار مقابل، والتضحية في سبيل بناء الأوطان. هل سنكون أهلاً لحمل الأمانة التي تركها لنا هؤلاء العظماء؟ أم سنترك التاريخ يشهد على تقصيرنا في حفظ إرث الرواد المؤسسين؟

وائل السعدي

وائل السعدي

اسمي وائل السعدي، أعمل محرّرًا للأخبار . أُركّز في عملي على متابعة المستجدّات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وأسعى دائمًا إلى تقديم تغطية شاملة 

قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

المزيــــــد