الأردن يُجرّم تخزين الكهرباء.. مشروع قانون جديد وعقوبة قد تضعك في مأزق قانوني خطير

في خطوة وصفها البعض بالثورية في مجال تنظيم قطاع الطاقة، أقر مجلس النواب الأردني بالأغلبية مشروع قانون الكهرباء العام لسنة 2025، خلال جلسة تشريعية مسائية برئاسة أحمد الصفدي. ويأتي هذا القانون وسط تحولات كبرى في قطاع الطاقة الكهربائية بالمملكة، حيث تضمن عقوبات مشددة تصل إلى الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات أو غرامات باهظة قد تصل إلى 200 ألف دينار لمن يقوم بأعمال تخزين الطاقة الكهربائية بقدرة تتجاوز الحدود المقررة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن دون الحصول على ترخيص مسبق.
يحمل مشروع قانون الكهرباء العام لعام 2025 في طياته العديد من التغييرات الجوهرية في تنظيم قطاع الطاقة الكهربائية بالأردن. فقد وافق مجلس النواب على مادة تعاقب كل من يقوم بتخزين الطاقة الكهربائية بقدرات تتجاوز الحد الذي تقرره الهيئة دون ترخيص، بعقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات أو بغرامة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دينار. وأشارت مصادر برلمانية إلى أن هذه العقوبات تأتي كجزء من جهود شاملة لضبط عمليات استخدام الطاقة ومكافحة السرقات والتعديات على الشبكة الكهربائية.
وتضمن القانون أيضاً مجموعة من العقوبات الأخرى، تشمل الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف دينار لكل من قام بالربط على النظام الكهربائي بطريقة غير مشروعة أو سرقة الطاقة الكهربائية. كما أقر المجلس عقوبة الحبس من سنة إلى سنتين وغرامة بين 2000 و7000 دينار لمن يعبث أو يفض أختام العداد الكهربائي بقصد سرقة التيار. وأوضح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، عبد المنعم العودات، أن "جسامة العقوبة مقترنة بالفعل ومدى الضرر الناتج عنه"، مؤكداً أن سلطة تحديد العقوبة بين الغرامة أو الحبس أو كليهما تقديرية للقاضي وحسب ظروف القضية.
كشف وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة عن تحديات كبرى تواجه قطاع الطاقة في الأردن، حيث يبلغ حجم الفاقد الكهربائي نحو 82 مليون دينار سنوياً، مما يعد أحد الأسباب الرئيسية للخسائر التي تتكبدها شركة الكهرباء. ولفت الخرابشة إلى أن القانون الجديد يهدف إلى التغلب على هذه التحديات من خلال استراتيجية متكاملة تسهم في تخفيض تكلفة توليد الطاقة، وتُحسن كفاءة الشبكة الكهربائية، وتقلل من حجم الخسائر.
وتبرز الأسباب الموجبة للقانون الجديد في ضوء التطورات التكنولوجية التي تشهدها صناعة الطاقة الكهربائية عالمياً، وإدخال مفهوم تخزين الطاقة الكهربائية كعنصر أساسي في تخفيض تكلفة الطاقة. كما يستهدف القانون تحقيق الاستفادة المثلى من مشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية. ويتضمن القانون أيضاً إضافة مفاهيم حديثة مثل التوليد الذاتي المستقل ونظام النقل المستقل للطاقة الكهربائية، بهدف إيجاد بيئة استثمارية جاذبة ودعم مشاريع الهيدروجين الأخضر في المملكة.
أثار القانون الجديد مجموعة من ردود الفعل المتباينة داخل مجلس النواب، حيث طالب عدد من النواب بضرورة تخفيض الغرامات الواردة في المادة 27 من مشروع القانون. وركزت مداخلات النواب على ضرورة عدم تحميل المالكين مسؤولية المخالفات التي يرتكبها المستأجرون، مثل العبث بالكهرباء وعدم دفع المستحقات المالية لشركة الكهرباء. وأكد النواب على أهمية مراعاة مصلحة مالك العقار، ودعوا إلى تخفيض قيمة المخالفات وعدم تحميل المواطنين أعباء إضافية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وفي المقابل، دافعت الحكومة عن العقوبات المشددة الواردة في القانون، حيث أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية أن "العقوبة يجب أن تكون رادعة" لمن يقوم بأعمال تخريب أو استجرار غير مشروع للكهرباء. ولفت إلى أن المسؤولية الجزائية تطال فقط من يرتكب الجرائم أو المخالفات، ولا يمكن ملاحقة مالك العقار إلا في حالات محددة. وتجدر الإشارة إلى أن القانون أجاز للمرخص له إجراء تسوية مالية مع المعتدي شريطة تعويضه عن الأضرار ودفع الحد الأدنى من الغرامة قبل إحالة القضية إلى المحكمة.
يمثل قانون الكهرباء العام الجديد خطوة مهمة نحو تنظيم قطاع الطاقة الكهربائية في الأردن، وذلك في إطار الجهود الحكومية لتطوير هذا القطاع الحيوي وتحسين أدائه. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية والتكنولوجية لا تزال قائمة، ومن المرجح أن يشهد تطبيق القانون مزيداً من النقاشات والمراجعات في المستقبل لضمان توازن المصالح بين شركات الكهرباء والمستهلكين، وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، مع الحفاظ على حقوق المواطنين وعدم تحميلهم أعباء إضافية.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط