قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

قانون حبس المدين تحت مقصلة التعديل.. فرصة أخيرة للمتعثرين أم إجراءات شكلية؟

قانون حبس المدين تحت مقصلة التعديل.. فرصة أخيرة للمتعثرين أم إجراءات شكلية؟
نشر: verified icon ليلى الحمادي 19 أبريل 2025 الساعة 04:55 مساءاً

تقف قضية حبس المدين المتعثر في الأردن اليوم على مفترق طرق حاسم، مع إعلان الحكومة عن تعديلات مرتقبة على قانون التنفيذ. هذه التعديلات تأتي استجابة للانتقادات المتزايدة التي طالت القانون الحالي، والذي يواجه اتهامات بقسوته وعدم مراعاته للظروف الاقتصادية الصعبة. وبينما تعمل اللجنة المشكلة لمراجعة القانون على صياغة التعديلات، يتساءل المراقبون عما إذا كانت هذه الخطوة ستشكل إنقاذاً حقيقياً للمدينين المتعثرين أم أنها ستظل في إطار الإجراءات الشكلية التي لا تمس جوهر المشكلة.

تفاصيل التعديلات المقترحة على القانون

تتمحور التعديلات المقترحة حول عدة نقاط جوهرية، أبرزها خفض نسبة الدفعة الأولى في التسوية من 25% إلى 10% فقط. وفقاً للدكتور كمال العلاوين، عميد كلية الحقوق في الجامعة الأردنية، فإن هذا التعديل يهدف إلى تشجيع المدينين على إجراء التسويات والانخراط في حلول واقعية للخروج من أزماتهم المالية. فالنسبة الحالية تشكل عائقاً أمام الكثير من المتعثرين الذين لا يستطيعون توفير ربع قيمة الدين دفعة واحدة.

ومن الإجراءات الأخرى المقترحة، تعديل مدد الحبس بحيث تتناسب مع قيمة الدين، بدلاً من تطبيق مدة موحدة بغض النظر عن المبلغ المستحق. كما تضمنت المقترحات ضرورة استنفاد جميع وسائل التنفيذ القانونية قبل اللجوء إلى حبس المدين، ومنع الحبس تماماً في حالات الديون البسيطة. ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الحكومة الأردنية تعليق حبس المدين حتى نهاية العام الجاري، مما يمنح فرصة لإقرار التعديلات وتطبيقها.

أثر التعديلات على المدينين المتعثرين

تحمل التعديلات المرتقبة بارقة أمل للمتعثرين الذين يعانون من ظروف اقتصادية قاهرة. فالمدين المتعثر، وهو الشخص الذي لا يعمل أو لا يملك أموالاً منقولة أو غير منقولة، سيكون أكبر المستفيدين من هذه التعديلات. وتشير المقترحات إلى ضرورة التفريق بين المتعثر وغير المتعثر في تطبيق إجراءات الحبس، وهو ما قد يفتح الباب أمام منهجية أكثر إنصافاً في التعامل مع قضايا الديون.

وكما يوضح العلاوين، فإن تخفيض نسبة الدفعة الأولى في التسوية سيسهم في تحفيز المدينين على تسوية أوضاعهم، بدلاً من الهروب أو مواجهة شبح السجن. غير أن نجاح هذه التعديلات سيتوقف على مدى قدرتها على التمييز الفعلي بين من لا يستطيع السداد ومن لا يريد السداد، وهو تحدٍ سيواجه السلطات القضائية والتنفيذية في تطبيق القانون الجديد بعد إقراره.

تصنيف المدينين وضمانات القروض

من النقاط الجوهرية التي تناولتها المقترحات، الدعوة إلى تصنيف المدينين وفقاً لمقدرتهم المالية، بحيث يقتصر الحبس على غير المتعثر فقط. هذا التوجه يعكس إدراكاً متزايداً بأن النظام الحالي لا يميز بشكل كافٍ بين الظروف المختلفة للمدينين، مما يؤدي إلى ظلم فئة واسعة من الأشخاص الذين وقعوا في براثن الديون نتيجة ظروف خارجة عن إرادتهم.

وأشار العلاوين أيضاً إلى أهمية تعديل سياسات منح القروض من خلال اشتراط ضمانات عينية، والنظر في استحداث وسائل جديدة للتنفيذ كبرامج العمل لصالح الدولة. هذه المقترحات تعكس توجهاً نحو معالجة المشكلة من جذورها، بدلاً من التركيز فقط على إجراءات ما بعد التعثر. فالهدف النهائي ليس مجرد تخفيف معاناة المدينين الحاليين، بل أيضاً منع وقوع أزمات مشابهة في المستقبل من خلال تنظيم أفضل لعملية الإقراض.

تمثل التعديلات المرتقبة على قانون حبس المدين خطوة في الاتجاه الصحيح نحو نظام أكثر إنصافاً وواقعية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت هذه التعديلات ستصل إلى جوهر المشكلة أم ستظل في إطار المعالجات الجزئية. فالتحدي الحقيقي يكمن في إيجاد توازن دقيق بين حماية حقوق الدائنين وإنصاف المدينين المتعثرين، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ويبقى الأمل معقوداً على أن تؤدي هذه المراجعة إلى تشريع متوازن يراعي مصالح جميع الأطراف، وفي الوقت نفسه يقدم حلولاً واقعية وعادلة للأزمة المتفاقمة للديون المتعثرة.

اخر تحديث: 20 أبريل 2025 الساعة 12:40 صباحاً
ليلى الحمادي

ليلى الحمادي

أنا ليلى الحمادي، حاصلة على شهادة في القانون وأعمل في تغطية القوانين والتشريعات. أتابع التشريعات المحلية والدولية بعناية وأحلل النصوص القانونية بأسلوب مبسط وواضح، مما أكسبني ثقة قرائي في فهم وتفسير التغيرات القانونية.

قم بمشاركة المقال

whatsapp icon facebook icon twitter icon telegram icon

المزيــــــد