قرار تاريخي.. السعودية تسمح بالعمل والحج تحت تأشيرة واحدة مجاناً

تتجه المملكة العربية السعودية نحو حقبة جديدة من الانفتاح العالمي مع إعلانها عن إطلاق نظام متطور للتأشيرات المجانية، يسمح لحامليها بالعمل وأداء مناسك الحج والعمرة بداية من عام 2025. هذه المبادرة الجديدة تعكس التزام المملكة العميق بتعزيز مكانتها السياحية ودعم اقتصادها الوطني، في خطوة تتماشى مع تطلعات رؤية السعودية 2030.

أعلنت وزارة الخارجية السعودية عن هذه الخطوة التي تستهدف فئات متنوعة من الزوار، ضمن استراتيجية شاملة لجذب المزيد من الزائرين من مختلف دول العالم. تأتي هذه المبادرة في وقت تشهد فيه المملكة تحولات اقتصادية واجتماعية كبرى، تسعى من خلالها إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.

أنواع التأشيرات المجانية الجديدة

تمثل التأشيرات المجانية الجديدة نقلة نوعية في سياسة المملكة تجاه استقطاب الزوار والمستثمرين، حيث تتنوع لتشمل عدة فئات تخدم أهدافاً متعددة. وفقاً للمعلومات التي كشفت عنها وزارة الخارجية، تأتي تأشيرة الزيارة العائلية في مقدمة هذه التأشيرات، والتي تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز الروابط الأسرية بين المقيمين في المملكة وأقاربهم في الخارج. تسمح هذه التأشيرة بزيارات عائلية ممتدة، مما يساهم في تقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز الاستقرار النفسي للمقيمين بعيداً عن أوطانهم.

كما تضم قائمة التأشيرات الجديدة تأشيرات سياحية مجانية، تستهدف استقطاب السياح الراغبين في استكشاف المعالم التاريخية والطبيعية والثقافية الغنية التي تزخر بها المملكة. أشارت مصادر رسمية إلى أن هذه التأشيرات ستتيح للزوار فرصة الاطلاع على تراث المملكة الثري وتنوعها الجغرافي، من الشواطئ المرجانية الخلابة في البحر الأحمر إلى المواقع التاريخية العريقة مثل مدائن صالح والدرعية التاريخية. تأتي هذه الخطوة في ظل اهتمام متزايد من قبل السياح العالميين بزيارة المملكة، خاصة بعد الانفتاح الكبير الذي شهدته في السنوات الأخيرة.

أضافت المصادر أن فئة ثالثة من التأشيرات المجانية ستكون موجهة للموظفين والمستثمرين، بهدف تسهيل الإجراءات أمام رجال الأعمال والمهتمين بالاستثمار في السوق السعودي. وتكتسب هذه الفئة أهمية خاصة في ظل المشاريع العملاقة التي تشهدها المملكة مثل نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر، والتي تمثل فرصاً استثمارية واعدة. كما ستتيح هذه التأشيرات للمهنيين والخبراء من مختلف التخصصات فرصة العمل والمشاركة في برامج التطوير المختلفة، مما يدعم تبادل الخبرات وينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية في المملكة.

خطوات إصدار التأشيرات المجانية

تعكف المملكة على تبسيط إجراءات إصدار التأشيرات المجانية من خلال منظومة إلكترونية متكاملة، تضمن سرعة وسهولة الحصول عليها. وذكرت مصادر مطلعة أن الإجراءات ستبدأ بزيارة الموقع الرسمي لوزارة الخارجية السعودية أو منصة التأشيرات الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض، حيث يمكن للمتقدم اختيار نوع التأشيرة المناسبة لغرض زيارته، سواء كانت عائلية أو سياحية أو تجارية.

بعد ذلك، يتعين على المتقدم ملء النموذج الإلكتروني بالمعلومات الشخصية الأساسية، مثل الاسم وتاريخ الميلاد والجنسية والغرض من الزيارة. وتشير التعليمات إلى ضرورة إرفاق المستندات المطلوبة، والتي تشمل عادةً صورة من جواز السفر وصورة شخصية حديثة. في حالة التقديم للحصول على تأشيرة زيارة عائلية، قد يُطلب أيضاً خطاب دعوة من المقيم في المملكة.

وأوضحت المصادر أن المرحلة النهائية تتضمن مراجعة الطلب بدقة قبل تقديمه، للتأكد من صحة جميع البيانات واكتمال المستندات. وبمجرد الموافقة على الطلب، سيتم إرسال التأشيرة إلى المتقدم عبر البريد الإلكتروني، أو يمكنه تحميلها مباشرةً من الموقع الإلكتروني. وتهدف هذه الآلية المبسطة إلى توفير الوقت والجهد، وتجنب المعاملات الورقية التقليدية، مما يعزز من تجربة المستخدم ويعكس التوجه العام للمملكة نحو التحول الرقمي.

دور التأشيرات في تحقيق رؤية السعودية 2030

تمثل مبادرة التأشيرات المجانية الجديدة ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة طويلة المدى لتحقيق أهداف رؤية 2030. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الخطوة ستسهم بشكل كبير في تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تعزيز قطاع السياحة، الذي يستهدف استقبال 100 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. كما أنها تعزز دور المملكة كوجهة رئيسية لأداء مناسك الحج والعمرة، من خلال تسهيل وصول المسلمين من جميع أنحاء العالم لزيارة الأماكن المقدسة.

وتعتبر هذه المبادرة جزءاً من منظومة متكاملة من الإصلاحات والمشاريع التي تنفذها المملكة ضمن برنامج التحول الوطني. من خلال تسهيل دخول المستثمرين والكفاءات المهنية، تسعى المملكة إلى تحفيز نقل المعرفة وتوطين التكنولوجيا، وتعزيز التنافسية في السوق المحلي. وتشير التوقعات إلى أن هذه التسهيلات ستساهم في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين، سواء بشكل مباشر من خلال توسع قطاع السياحة والضيافة، أو بشكل غير مباشر عبر تنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية المرتبطة بها.

تعكس هذه المبادرة الطموحة خطوة استراتيجية هامة في مسيرة تحول المملكة العربية السعودية نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً وتنوعاً. ومع اقتراب موعد تطبيق نظام التأشيرات المجانية الجديد في مطلع عام 2025، يتوقع المراقبون أن يشهد قطاع السياحة السعودي طفرة نوعية، تعزز من مكانة المملكة على خريطة السياحة العالمية، وتسهم في تحقيق التطلعات الطموحة لرؤية 2030. هذا التحول لن يقتصر تأثيره على الجانب الاقتصادي فحسب، بل سيمتد ليشمل تعزيز التبادل الثقافي والحضاري بين المملكة ومختلف دول العالم.