هل سيُطرد المستأجرون المتخلفون عن الدفع فورًا؟ تغييرات قانونية تلوح في أفق 2025!

مع اقتراب منتصف عام 2025، يواجه المجتمع الأردني تحولات قانونية مهمة تتعلق بحبس المدينين، لكن المفاجأة التي قد لا يعرفها الكثيرون هي أن المستأجرين المتخلفين عن سداد إيجاراتهم لن يشملهم الإعفاء من الحبس. فالتعديلات القانونية المرتقبة، التي أعادها نقيب المحامين الأردنيين يحيى أبو عبود إلى الواجهة مؤخراً، تستثني صراحةً حالات معينة من قرار وقف حبس المدين، ومن بينها المتأخرين عن دفع بدلات الإيجارات، الأمر الذي يفتح الباب أمام جدل واسع حول مستقبل العلاقة بين المالكين والمستأجرين في المملكة.
تشير التقارير الرسمية إلى أن العمل بحبس المدين في الأردن سينتهي بحلول منتصف عام 2025، تماشياً مع التعديلات التي أدخلت على التشريعات ذات العلاقة. غير أن هناك استثناءات مهمة لهذا القرار، كما أكد نقيب المحامين الأردنيين، حيث لن يشمل هذا الإعفاء الحالات المتعلقة بحقوق العمال وبدلات الإيجارات. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن هذه التعديلات القانونية تهدف للتوازن بين حق الدائن في استرداد أمواله وحق المدين في عدم تقييد حريته إلا في حالات محددة.
ويشير وزير العدل الأردني أحمد الزيادات في تصريحات سابقة إلى أن إلغاء حبس المدين لا يعني ضياع حقوق الدائنين، حيث يمكن اتخاذ إجراءات بديلة مثل الحجز على أموال المدين وبيعها لتسديد الديون، بالإضافة إلى منع المدين من السفر حتى سداد ما عليه. وفي السياق ذاته، تم تخفيض مدة حبس المدين عن الدين الواحد لتصبح 60 يوماً في السنة بدلاً من 90 يوماً، على ألا تتجاوز مدة الحبس الإجمالية 120 يوماً في السنة الواحدة مهما تعدد الدائنون.
حددت الحكومة الأردنية سلسلة من الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها ضد المستأجر المتخلف عن دفع الإيجار. تبدأ هذه الإجراءات بتوجيه إنذار خطي للمستأجر المتأخر عن دفع الأجرة في موعدها، يمهله فترة لا تقل عن 15 يوماً لتسديد المستحقات. وفي حال عدم استجابة المستأجر خلال الفترة المحددة، يحق للمؤجر رفع دعوى إخلاء أمام المحكمة المختصة، والتي تنظر في القضية وتصدر حكماً بالإخلاء في حال ثبوت الادعاء.
وبعيداً عن الإخلاء، تتيح القوانين الأردنية للمالك إمكانية المطالبة بالمبالغ المتأخرة من خلال الإجراءات القانونية، بما في ذلك الحجز على ممتلكات المستأجر لضمان تحصيل الأجرة المستحقة. وتنصح الجهات القانونية المؤجرين بضرورة توثيق عقود الإيجار وتحديد جميع الشروط والالتزامات بوضوح، إلى جانب محاولة التواصل المباشر مع المستأجر قبل اللجوء للقضاء، خاصة في حالات وجود ظروف قاهرة تستدعي التفهم والتعاون بين الطرفين.
تكشف البيانات الرسمية عن ارتفاع حالات التعثر المالي في الأردن خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بالأوضاع المعيشية الصعبة والتباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا والظروف الجيوسياسية الإقليمية المضطربة. وفي هذا السياق، يحذر الخبير الاجتماعي حسين الخزاعي من أن حبس المدينين يمكن أن يفاقم المشكلات الاجتماعية، مشيراً إلى أن عدد المقترضين الأردنيين من البنوك وصل إلى مليون و220 ألف شخص، منهم ربع مليون من النساء، وأن فقدان الوظائف خلال الأزمات أدى إلى تعثر سداد الأقساط والالتزامات المالية.
ومن ناحية أخرى، يخشى بعض المراقبين من تراجع إصدار الشيكات والكمبيالات التي تُستخدم كضمانة للديون، بما فيها إيجارات العقارات، بسبب مخاوف الدائنين من عدم تحصيل حقوقهم في ظل إلغاء حبس المدين في معظم الحالات. ويتوقع هؤلاء أن تؤثر التعديلات القانونية الجديدة على سوق الإيجارات، حيث قد يلجأ أصحاب العقارات إلى طلب ضمانات إضافية من المستأجرين، أو رفع قيمة التأمينات المطلوبة، مما قد يزيد من الأعباء المالية على المواطنين في وقت تجاوزت فيه مديونية الأفراد في الأردن 17 مليار دولار.
مع اقتراب تطبيق التعديلات القانونية الخاصة بوقف حبس المدين منتصف عام 2025، يبقى المستأجرون المتخلفون عن دفع الإيجارات في دائرة الخطر القانوني، كاستثناء صريح من الإعفاء. وبينما تهدف هذه التعديلات إلى تحقيق توازن بين حماية حقوق الدائنين وتخفيف الضغوط على المدينين، فإن المشهد الاقتصادي والاجتماعي المتأزم في الأردن يستدعي المزيد من الحوار المجتمعي حول آليات حماية المتعثرين ماليًا دون إهدار حقوق الآخرين. وفي ظل هذه التغييرات، تبرز أهمية توعية المواطنين بالالتزامات القانونية المترتبة على عقود الإيجار، وضرورة إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع حالات التعثر بعيدًا عن العقوبات السالبة للحرية التي أثبتت محدوديتها في معالجة المشكلات المالية الجذرية.
سيتم تحسين تجربتنا على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط